الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****
1 - ركّب هذا المصطلح من لفظين. أوّلهما: لفظ بساطٍ. وثانيهما: لفظ اليمين. وأوّلهما مضاف إلى ثانيهما. وهما يستعملان في الحلف. ولم يستعملهما بهذه الصّورة سوى فقهاء المالكيّة، ولا بدّ من تعريف المتضايفين للوصول إلى تعريف المركّب الإضافيّ. من معاني اليمين في اللّغة: القسم والحلف، وهو المراد هنا. وفي اصطلاح فقهاء المالكيّة: تحقيق ما لم يجب بذكر اسم اللّه أو صفةً من صفاته. وهذا أدقّ تعريفٍ وأوجزه، وهناك تعاريف أخرى لليمين لا تخرج عن هذا المعنى. 2 - أمّا البساط فهو: السّبب الحامل على اليمين إذ هو مظنّتها فليس فيه انتفاع النّيّة، بل هو متضمّن لها. وضابطه: صحّة تقييد يمينه بقوله: ما دام هذا الشّيء أي الحامل على اليمين موجوداً.
3 - بساط اليمين عند المالكيّة الّذين انفردوا بهذا التّعبير: هو الباعث على اليمين، والحامل عليها. ويمكن أن يكون مقيّداً لمطلق اليمين، أو مخصّصاً لعمومه، كما لو كان هناك ظالم في السّوق فقال: واللّه لا أشتري لحماً من هذا السّوق، فيمكن أن يقيّد يمينه بوجود هذا الظّالم، فإذا زال هذا الظّالم جاز له شراء اللّحم من هذا السّوق، ولا يكون حانثاً. وكذلك لو كان خادم المسجد سيّئ الخلق، فقال: واللّه لا أدخل هذا المسجد، ثمّ زال هذا الخادم، فلو دخل هذا المسجد لا يحنث، فإنّه يصحّ أن يقيّد اليمين بقوله: ما دام هذا الخادم موجوداً. ويشترط في هذا البساط ألاّ تكون للحالف نيّة، وألاّ يكون له مدخل في هذا الباعث، والتّقييد به أو التّخصيص به إنّما يكون بعد زوال هذا الباعث. ويقابل بساط اليمين عند الحنفيّة، ما يسمّى يمين العذر، كمن قال لزوجته عندما تهيّأت للخروج: واللّه لا تخرجي، فإذا جلست ساعةً ثمّ خرجت لا يحنث استحساناً عند أئمّة الحنفيّة، خلافاً لزفر الّذي أخذ بالقياس، وهو الحنث. وليس هناك دخل عند الشّافعيّة للباعث على اليمين، إلاّ أن تكون له نيّة، والمعتبر عندهم ظاهر اللّفظ، إن عامّاً فعامّ، أو مطلقاً فمطلق، أو خاصّاً فخاصّ. وسمّى الحنابلة بساط اليمين: سبب اليمين وما هيّجها، واعتبروا مطلق اليمين، إذا لم ينو الحالف شيئاً. ومن أراد تفصيل ذلك فليرجع إلى مصطلح (أيمان).
1 - البسملة في اللّغة والاصطلاح: قول: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. يقال: بَسْمَلَ بَسْمَلَةً: إذا قال، أو كتب: بسم اللّه. ويقال: أكثرَ من البسملة، أي أكثر من قول: بسم اللّه. قال الطّبريّ: إنّ اللّه - تعالى ذكره، وتقدّست أسماؤه - أدّب نبيّه محمّداً صلى الله عليه وسلم بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، وجعل ذلك لجميع خلقه سنّةً يستنّون بها، وسبيلاً يتّبعونه عليها، فقول القائل: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم إذا افتتح تالياً سورةً، ينبئ عن أنّ مراده أقرأ باسم اللّه، وكذلك سائر الأفعال. البسملة جزء من القرآن الكريم: 2 - اتّفق الفقهاء على أنّ البسملة جزء من آيةٍ في قوله تعالى: {إنّه من سليمانَ وإنّه بسمِ اللّه الرّحمنِ الرّحيمِ}. واختلفوا في أنّها أيّة من الفاتحة، ومن كلّ سورةٍ. والمشهور عند الحنفيّة، والأصحّ عند الحنابلة، وما قال به أكثر الفقهاء هو: أنّ البسملة ليست آيةً من الفاتحة ومن كلّ سورةٍ، وأنّها آية واحدة من القرآن كلّه، أنزلت للفصل بين السّور، وذكرت في أوّل الفاتحة. ومن أدلّتهم ما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يقول اللّه تعالى: قَسَمْتُ الصّلاةَ بيني وبينَ عَبْدي نِصْفين، فإذا قال العبد: {الحمدُ للّه ربِّ العالمينَ}، قال اللّه تعالى: حمدني عبدي، فإذا قال: {الرّحمن الرّحيم}، قال اللّه تعالى: مجّدني عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدّين}، قال اللّه تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}، قال اللّه تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» فالبداءة بقوله: {الحمد للّه ربّ العالمين}، دليل على أنّ التّسمية ليست آيةً من أوّل الفاتحة. إذ لو كانت آيةً من الفاتحة لبدأ بها، وأيضاً: لو كانت البسملة آيةً منها لم تتحقّق المناصفة، فإنّه يكون في النّصف الأوّل أربع آياتٍ إلاّ نصفاً، وقد نصّ على المناصفة، ولأنّ السّلف اتّفقوا على أنّ سورة الكوثر ثلاث آياتٍ. وهي ثلاث آياتٍ بدون البسملة. وورد في كلّ مذهبٍ من المذاهب الثّلاثة غير ما سبق. ففي المذهب الحنفيّ أنّ المعلّى قال: قلت لمحمّدٍ: التّسمية آية من القرآن أم لا ؟ قال: ما بين الدّفّتين كلّه قرآن، فهذا عن محمّدٍ بيان أنّها آية للفصل بين السّور، ولهذا كتبت بخطٍّ على حدةٍ. وقال محمّد: يكره للحائض والجنب قراءة التّسمية على وجه قراءة القرآن، لأنّ من ضرورة كونها قرآناً حرمة قراءتها على الحائض والجنب، وليس من ضرورة كونها قرآناً الجهر بها كالفاتحة... وروى ابن عبّاسٍ أنّه قال لعثمان: لم لم تكتب التّسمية بين، التّوبة والأنفال، قال: لأنّ التّوبة من آخر ما نزل، فرسول اللّه صلى الله عليه وسلم توفّي، ولم يبيّن لنا شأنها، فرأيت أوّلها يشبه أواخر الأنفال، فألحقتها بها، فهذا بيان منهما على أنّها كتبت للفصل بين السّور. والمشهور عند المالكيّة: أنّ البسملة ليست آيةً من القرآن إلاّ في سورة النّمل، فإنّها جزء من آيةٍ، ويكره قراءتها بصلاة فرضٍ - للإمام وغيره - قبل فاتحةٍ أو سورةٍ بعدها، وقيل عند المالكيّة بإباحتها، وندبها، ووجوبها في الفاتحة. وروي عن الإمام أحمد أنّ البسملة من الفاتحة، لما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: {إذا قرأتم: {الحمد للّه ربّ العالمين}، فاقرءوا: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فإنّها أمّ القرآن والسّبع المثاني وبسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية منها} ولأنّ الصّحابة أثبتوها في المصاحف بخطّهم، ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى القرآن، وما روي عن نعيمٍ المجمر قال: صلّيت وراء أبي هريرة، فقرأ: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ثمّ قرأ بأمّ القرآن. وما رواه ابن المنذر {أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصّلاة: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ثمّ قرأ بأمّ القرآن، وعدّها آيةً، {والحمد للّه ربّ العالمين} آيتين}. وقال ابن المبارك: من ترك بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فقد ترك مائةً وثلاث عشرة آيةٍ وروي عن الإمام أحمد: أنّ البسملة آية مفردة، كانت تنزل بين كلّ سورتين فصلاً بين السّور. وعنه أيضاً: أنّها بعض آيةٍ من سورة النّمل، وما أنزلت إلاّ فيها. وعنه أيضاً: البسملة ليست بآيةٍ إلاّ من الفاتحة وحدها. 3 - ومذهب الشّافعيّة: أنّ البسملة آية كاملة من الفاتحة ومن كلّ سورةٍ، لما روت أمّ سلمة رضي الله عنها: {أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ في الصّلاة: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، فعدّها آيةً منها}، ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ {رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: الحمد للّه سبع آياتٍ، إحداهنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}. وعن عليٍّ رضي الله عنه كان إذا افتتح السّورة في الصّلاة يقرأ: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. وروي عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: {إذا قرأتم: {الحمد للّه ربّ العالمين}، فاقرءوا: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، إنّها أمّ القرآن والسّبع المثاني، بسم اللّه الرّحمن الرّحيم إحدى آياتها}، ولأنّ الصّحابة أثبتوها فيما جمعوا من القرآن في أوائل السّور، وأنّها مكتوبة بخطّ القرآن، وكلّ ما ليس من القرآن فإنّه غير مكتوبٍ بخطّ القرآن، وأجمع المسلمون على أنّ ما بين الدّفّتين كلام اللّه تعالى، والبسملة موجودة بينهما، فوجب جعلها منه. واتّفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنّ من أنكر أنّها آية في أوائل السّور لا يعدّ كافراً. للخلاف السّابق في المذاهب.
4 - لا خلاف بين العلماء في أنّ البسملة من القرآن، وذهب الجمهور إلى حرمة قراءتها على الجنب والحائض والنّفساء بقصد التّلاوة، لحديث التّرمذيّ وغيره: {لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن}. ورويت كراهة ذلك عن عمر وعليٍّ، وروى أحمد وأبو داود والنّسائيّ من رواية عبد اللّه بن سلمة عن عليٍّ قال: {كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يحجبه - وربّما قال لا يحجزه - من القرآن شيء ليس الجنابة}. وورد عن ابن عمر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: {لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن}. فلو قصد الدّعاء أو الثّناء أو افتتاح أمرٍ تبرّكاً، ولم يقصد القراءة، فلا بأس. وفي أحد قولين للمالكيّة: لا يحرم قراءة آيةٍ للتّعوّذ أو الرّقية، ولو آية الكرسيّ. كما ذهب المالكيّة إلى أنّه لا يمنع الحيض والنّفاس قراءة القرآن، ما دامت المرأة حائضاً أو نفساء بقصد التّعلّم أو التّعليم، لأنّها غير قادرةٍ على إزالة المانع، أمّا إذا انقطع ولم تتطهّر، فلا تحلّ لها قراءته كما لا تحلّ للجنب. والدّليل على استثناء التّسمية من التّحريم: أنّ لهم ذكر اللّه، ويحتاجون إلى التّسمية عند اغتسالهم، ولا يمكنهم التّحرّز عنها، لما روى مسلم عن عائشة قالت: {كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه في كلّ أحيانه}. وإن قصدوا بها القراءة، ففيه روايتان: إحداهما لا يجوز، لما روي عن عليٍّ رضي الله عنه أنّه سئل عن الجنب يقرأ القرآن ؟ فقال: لا ولو حرفاً، لعموم الخبر في النّهي، والثّانية: لا يمنع منه، لأنّه لا يحصل به الإعجاز، ويجوز إذا لم يقصد به القرآن. (ر: الجنابة، والحيض، والغسل، والنّفاس).
5 - اختلف الفقهاء في حكم قراءة البسملة بالنّسبة للإمام والمأموم والمنفرد، في ركعات الصّلاة، لاختلافهم في أنّها آية من الفاتحة ومن كلّ سورةٍ. وحاصل مذهب الحنفيّة في ذلك: أنّه يسنّ قراءة البسملة سرّاً للإمام والمنفرد في أوّل الفاتحة من كلّ ركعةٍ، ولا يسنّ قراءتها بين الفاتحة والسّورة مطلقاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، لأنّ البسملة ليست من الفاتحة، وذكرت في أوّلها للتّبرّك. قال المعلّى: إنّ هذا أقرب إلى الاحتياط لاختلاف العلماء والآثار في كونها آيةً من الفاتحة، وروى ابن أبي رجاءٍ عن محمّدٍ أنّه قال: يسنّ قراءة البسملة سرّاً بين السّورة والفاتحة في غير الصّلاة الجهريّة، لأنّ هذا أقرب إلى متابعة المصحف، وإذا كانت القراءة جهراً فلا يؤتى بالبسملة بين السّورة والفاتحة، لأنّه لو فعل لأخفى، فيكون ذلك سكتةً في وسط القراءة، وليس ذلك مأثوراً. وفي قولٍ آخر في المذهب: تجب بداية القراءة بالبسملة في الصّلاة، لأنّها آية من الفاتحة. وحكم المقتدي عند الحنفيّة أنّه لا يقرأ لحمل إمامه عنه، ولا تكره التّسمية اتّفاقاً بين الفاتحة والسّورة المقروءة سرّاً أو جهراً. والمشهور عند المالكيّة: أنّ البسملة ليست من الفاتحة، فلا تقرأ في المكتوبة سرّاً أو جهراً من الإمام أو المأموم أو المنفرد، لما ورد عن أنسٍ أنّه قال: {صلّيت خلف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد للّه ربّ العالمين، ولا يذكرون بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في أوّل قراءةٍ ولا في آخرها}. ويكره قراءتها بفرضٍ قبل الفاتحة أو السّورة الّتي بعدها، وفي قولٍ عند المالكيّة: يجب، وهناك قول بالجواز. وفي روايةٍ في مذهب الإمام مالكٍ أنّه يجوز قراءة البسملة في صلاة النّفل قبل الفاتحة والسّورة في كلّ ركعةٍ سرّاً أو جهراً. وللخروج من الخلاف في حكم قراءة البسملة في الصّلاة، قال القرافيّ: الورع البسملة أوّل الفاتحة، وقال: محلّ كراهة الإتيان بالبسملة إذا لم يقصد الخروج من الخلاف الوارد في المذهب، فإن قصده فلا كراهة. والأظهر عند الشّافعيّة: أنّه يجب على الإمام والمأموم والمنفرد قراءة البسملة في كلّ ركعةٍ من ركعات الصّلاة في قيامها قبل فاتحة الكتاب، سواء أكانت الصّلاة فرضاً أم نفلاً، سريّةً أو جهريّةً، لحديثٍ رواه أبو هريرة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: {فاتحة الكتاب سبع آياتٍ، إحداهنّ: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} وللخبر: {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب} ويدلّ على دخول المأمومين في العموم ما صحّ عن عبادة: {كنّا نخلف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فثقلت عليه القراءة، فلمّا فرغ قال: لعلّكم تقرءون خلف إمامكم، قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلاّ بفاتحة الكتاب، فإنّه لا صلاة لمن لم يقرأ بها} وتقرأ البسملة عند ابتداء كلّ سورةٍ في ركعات الصّلاة، ويجهر بها في حالة الجهر بالفاتحة والسّورة، وكذا يسرّ بها معهما، على القول بأنّ البسملة آية من سائر السّور. وعلى الأصحّ عند الحنابلة: لا يجب قراءة البسملة مع الفاتحة ومع كلّ سورةٍ في ركعات الصّلاة، لأنّها ليست آيةً من الفاتحة ومن كلّ سورةٍ، لحديث {قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين...} ولأنّ الصّحابة أثبتوها في المصاحف بخطّهم، ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى القرآن. وعلى الأصحّ: يسنّ قراءة البسملة مع فاتحة الكتاب في الرّكعتين الأوليين من كلّ صلاةٍ، ويستفتح بها السّورة بعد الفاتحة، ويسرّ بها، لما ورد أنّ {النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسرّ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الصّلاة}. وعلى الرّواية الأخرى عن أحمد في قرآنيّة البسملة يجب على الإمام والمنفرد والمأموم قراءة البسملة مع الفاتحة في الصّلاة. هذا، وتقرأ البسملة بعد التّكبير والاستفتاح والتّعوّذ في الرّكعة الأولى، أمّا فيما بعدها فإنّه يقرؤها بعد تكبير القيام إلى تلك الرّكعة، وتقرأ البسملة في حال القيام، إلاّ إذا صلّى قاعداً لعذرٍ، فيقرؤها قاعداً وللتّفصيل ر: (الصّلاة)
أ - التّسمية عند دخول الخلاء: 6 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة التّسمية على سبيل النّدب، وذلك قبل دخول الخلاء لقضاء الحاجة، لما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {أنّه كان يقول إذا دخل الخلاء: بسم اللّه، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الخبث والخبائث} وانظر للتّفصيل مصطلح: (قضاء الحاجة).
ب - التّسمية عند الوضوء: 7 - ذهب الحنفيّة، والمالكيّة في المشهور عندهم، والشّافعيّة إلى أنّ التّسمية سنّة عند ابتداء الوضوء، وسندهم فيما قالوا: أنّ آية الوضوء مطلقة عن شرط التّسمية، والمطلوب من المتوضّئ الطّهارة، وترك التّسمية لا يقدح فيها، لأنّ الماء خلق طهوراً في الأصل، فلا تتوقّف طهوريّته على صنع العبد، وما رواه ابن مسعودٍ أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: {من توضّأ وذكر اسم اللّه عليه كان طهوراً لجميع بدنه، ومن توضّأ ولم يذكر اسم اللّه كان طهوراً لما أصاب من بدنه} وإن نسي المتوضّئ التّسمية في أوّل الوضوء، وذكرها في أثنائه، أتى بها، حتّى لا يخلو الوضوء من اسم اللّه تعالى. وذهب الحنابلة: إلى أنّ التّسمية في الوضوء واجبة، وهي قول (باسم اللّه) لا يقوم غيرها مقامها، واستدلّوا لوجوبها بما رواه أبو هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: {لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه} وتسقط التّسمية حالة السّهو تجاوزاً، لحديث: {تجاوز اللّه عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه}. فإن ذكر المتوضّئ التّسمية في أثناء الوضوء سمّى وبنى، وإن تركها عمداً لم تصحّ طهارته، لأنّه لم يذكر اسم اللّه على طهارته، والأخرس والمعتقل لسانه يشير بها.
ج - التّسمية عند الذّبح: 8 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في المشهور عندهم إلى أنّ التّسمية واجبة عند الذّبح. لقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} ولا تجب التّسمية على ناسٍ، ولا أخرس، ولا مكرهٍ، ويكفي من الأخرس أن يومئ إلى السّماء، لأنّ إشارته تقوم مقام نطق النّاطق. وذهب الشّافعيّة، وهو رواية عن أحمد إلى أنّ التّسمية سنّة عند الذّبح، وصيغتها أن يقول: (باسم اللّه) عند الفعل، لما روى البيهقيّ في صفة ذبح النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأضحيّته: {ضحّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أتى بكبشين أملحين أقرنين عظيمين موجوأين، فأضجع أحدهما فقال: بسم اللّه واللّه أكبر، اللّهمّ هذا عن محمّدٍ، ثمّ أضجع الآخر فقال: بسم اللّه واللّه أكبر، اللّهمّ هذا عن محمّدٍ وأمّته ممّن شهد لك بالتّوحيد، وشهد لي بالبلاغ}. ويكره عند الشّافعيّة تعمّد ترك التّسمية، ولكن لو تركها عمداً يحلّ ما ذبحه ويؤكل، لأنّ اللّه تعالى أباح ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم} وهم لا يذكرونها (التّسمية)، وأمّا قوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسق} فالمراد ما ذكر عليه غير اسم اللّه، أي ما ذبح للأصنام، بدليل قوله تعالى: {وما أهلّ لغير اللّه به} وسياق الآية دالّ عليه، فإنّه قال: {وإنّه لفسق} والحالة الّتي يكون فيها فسقاً هي الإهلال لغير اللّه تعالى.
د - التّسمية على الصّيد: 9 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب التّسمية عند صيد ما يؤكل لحمه، والمراد بها: ذكر اللّه من حيث هو، لا خصوص (باسم اللّه) والأفضل باسم اللّه واللّه أكبر، ولا يزيد في البسملة: الرّحمن الرّحيم ولا الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ويشترط عند الرّمي أو الإرسال للمعلّم إن ذكر وقدر، لأنّه وقت الفعل من الرّامي والمرسل، فتعتبر عنده. فإن تركها ناسياً أو عجزاً يحلّ ويؤكل، وإن تركها عمداً مع القدرة عليها فلا، لقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} على معنى ولا تأكلوا ممّا تركت التّسمية عليه عمداً مع القدرة، وخالف ابن رشدٍ من المالكيّة وقال: التّسمية ليست بشرطٍ في صحّة الذّكاة، لأنّ معنى قوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} لا تأكلوا الميتة الّتي لم تقصد ذكاتها، لأنّها فسق. وذهب الشّافعيّة إلى أنّ التّسمية عند الصّيد سنّة، وصيغتها أن يقول عند الفعل: باسم اللّه والأكمل: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، لما رواه الشّيخان في الذّبح للأضحيّة، وقيس بما فيه غيره، ويكره تعمّد ترك التّسمية. فلو تركها - ولو عمداً - يحلّ ويؤكل للدّليل المبيّن في التّسمية عند الذّبح. ولمزيدٍ من التّفصيل (ر: ذبائح). وذهب الحنابلة إلى اشتراط التّسمية في حلّ الصّيد عند إرسال الجارح المعلّم، وهي: باسم اللّه، لأنّ إطلاق التّسمية ينصرف إلى ذلك، ولو قال: باسم اللّه واللّه أكبر، فلا بأس لوروده، فإن ترك التّسمية عمداً أو سهواً لم يبح على التّحقيق، لقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما رواه عديّ بن حاتمٍ: {إذا أرسلت كلبك وسمّيت فكل، قلت: فإن أخذ معه آخر ؟ قال: لا تأكل، فإنّك سمّيت على كلبك، ولم تسمّ على الآخر}، والفرق بين الذّبح والصّيد في التّسمية عند الحنابلة: أنّ الذّبح وقع في محلّه، فجاز أن يتسامح فيه بالنّسبة لنسيان التّسمية، بخلاف الصّيد، فلا يتسامح في نسيانها فيه، ونقل عن الإمام أحمد: أنّه إن نسي التّسمية عند الصّيد يباح ويؤكل، وعنه أيضاً: إن نسيها على السّهم أبيح، وإن نسيها على الجارحة لم يبح. ولمزيدٍ من التّفصيل (ر: صيد).
هـ - (التّسمية عند الأكل): 10 - ذهب الفقهاء إلى أنّ التّسمية عند البدء في الأكل من السّنن. وصيغتها: بسم اللّه وبسم اللّه الرّحمن الرّحيم، فإن نسيها في أوّله سمّى في باقيه، ويقول: باسم اللّه أوّله وآخره لحديث عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: {إذا أكل أحدكم فليذكر اسم اللّه تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم اللّه في أوّله فليقل: باسم اللّه أوّله وآخره}.
و - التّسمية عند التّيمّم: 11 - التّسمية عند التّيمّم مشروعة: سنّة عند الحنفيّة، ومندوبة عند المالكيّة، ومستحبّة عند الشّافعيّة، وصيغتها: بسم اللّه والأكمل عند الشّافعيّة: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وإن نسي التّسمية في أوّل التّيمّم وذكرها في أثنائه أتى بها، وإن تركها عمداً لا يبطل التّيمّم، وإن فعلها يثاب. وذهب الحنابلة إلى أنّ التّسمية عند التّيمّم واجبة وهي: باسم اللّه، لا يقوم غيرها مقامها، ووقتها أوّله، وتسقط سهواً لحديث: {تجاوز اللّه عن أمّتي الخطأ والنّسيان...} وإن ذكرها في أثنائه سمّى وبنى، وإن تركها عمداً حتّى مسح بعض أعضائه، ولم يستأنف ما فعله، لم تصحّ طهارته، لأنّه لم يذكر اسم اللّه على طهارته.
ز - التّسمية لكلّ أمرٍ ذي بالٍ: 12 - اتّفق أكثر الفقهاء على أنّ التّسمية مشروعة لكلّ أمرٍ ذي بالٍ، عبادةٍ أو غيرها، فتقال عند البدء في تلاوة القرآن الكريم والأذكار، وركوب سفينةٍ ودابّةٍ، ودخول المنزل ومسجدٍ، أو خروجٍ منه، وعند إيقاد مصباحٍ أو إطفائه، وقبل وطءٍ مباحٍ، وصعود خطيبٍ منبراً، ونومٍ، والدّخول في صلاة النّفل، وتغطية الإناء، وفي أوائل الكتب، وعند تغميض ميّتٍ ولحده في قبره، ووضع اليد على موضع ألمٍ بالجسد، وصيغتها (باسم اللّه) والأكمل (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم) فإن نسي التّسمية أو تركها عمداً فلا شيء، ويثاب إن فعل. وممّا ورد: حديث {كلّ أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه باسم اللّه فهو أبتر}، وفي روايةٍ {فهو أقطع} وفي أخرى {فهو أجذم}، وما ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: {ضع يدك على الّذي تألّم من جسدك، وقل: باسم اللّه ثلاثاً...} الحديث. وحديث: {أغلق بابك واذكر اسم اللّه، فإنّ الشّيطان لا يفتح باباً مغلقاً، وأطفئ مصباحك واذكر اسم اللّه، وخمّر إناءك...} وحديث: {إذا عثرت بك الدّابّة فلا تقل: تعس الشّيطان، فإنّه يتعاظم، حتّى يصير مثل البيت، ويقول: بقوّتي صرعته، ولكن قل: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، فإنّه يتصاغر، حتّى يصير مثل الذّباب}.
1 - البشارة - بكسر الباء -: ما يبشّر به الإنسان غيره من أمرٍ، وبضمّ الباء: ما يعطاه المبشّر بالأمر، كالعمالة للعامل، قال ابن الأثير: البشارة بالضّمّ: ما يعطى البشير، وبكسر الباء: الاسم، سمّيت بذلك من البشر وهو السّرور، لأنّها تظهر طلاقة وجه الإنسان. وهم يتباشرون بذلك الأمر أي: يبشّر بعضهم بعضاً، والبشارة إذا أطلقت فهي للبشارة بالخير، ويجوز استعمالها مقيّدةً في الشّرّ، كقوله تعالى: {فبشّرهم بعذابٍ أليمٍ}. ولا يخرج استعمالها في اصطلاح الفقهاء عن ذلك.
أ - الخبر: 2 - الخبر يكون من المخبر الأوّل ومن يليه، والبشارة لا تكون إلاّ من المخبر الأوّل. والخبر يكون بالصّدق والكذب سارّاً، كان أو غير سارٍّ، والبشارة تختصّ بالخبر الصّادق السّارّ غالباً. ب - الجعل: 3 - الجعل لغةً: اسم لما يجعله الإنسان لغيره على شيءٍ يعمله. والجعل اصطلاحاً: عوض معلوم ملتزم به على عملٍ معيّنٍ معلومٍ فيه كلفة. والبشارة بضمّ الباء: ما يعطاه المبشّر بالأمر، وهي بهذا المعنى تشبه الجعل، جاء في نهاية المحتاج: لا بدّ من كون العمل في الجعالة فيه كلفة أو مؤنة، كردّ آبقٍ، أو إخبارٍ فيه غرض والمخبر صادق فيه.
4 - إخبار النّاس بما يسرّهم أمر مستحبّ، لما ورد في ذلك من الآيات القرآنيّة، كقوله تعالى: {وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقاً قالوا: هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواج مطهّرة وهم فيها خالدون} وما ورد كذلك من أحاديث، منها حديث كعب بن مالكٍ رضي الله عنه المخرّج في الصّحيحين {في قصّة توبته قال: وسمعت صوت صارخٍ يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالكٍ. أبشر، فذهب النّاس يبشّروننا، وانطلقت أتأمّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يتلقّاني النّاس فوجاً فوجاً يهنّئونني بالتّوبة، ويقولون: لتهنك توبة اللّه تعالى عليك، حتّى دخلت المسجد، فإذا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حوله النّاس، فقام طلحة بن عبيد اللّه يهرول، حتّى صافحني وهنّأني، وكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال - وهو يبرق وجهه من السّرور -: أبشر بخير يومٍ مرّ عليك منذ ولدتك أمّك}. وفي قصّة كعبٍ أنّه لمّا جاءه البشير بالتّوبة، نزع له ثوبيه وكساهما إيّاه نظير بشارته. ونقل الأبيّ عن القاضي عياضٍ أنّه قال: وهذا يدلّ على جواز البشارة والتّهنئة بما يسرّ من أمور الدّنيا والآخرة، وإعطاء الجعل للمبشّر. وفي حديث كعبٍ مشروعيّة الاستباق إلى البشارة بالخير. ويستحبّ لمن بشّر بخبرٍ سارٍّ أن يحمد اللّه تعالى ويثني عليه، لما روي في صحيح البخاريّ عن عمرو بن ميمونٍ، في مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، في حديث الشّورى الطّويل: أنّ عمر رضي الله عنه أرسل ابنه عبد اللّه إلى عائشة رضي الله عنها يستأذنها أن يدفن مع صاحبيه، فلمّا أقبل عبد اللّه، قال عمر: ما لديك ؟ قال: الّذي تحبّ يا أمير المؤمنين، أذنت. فقال: الحمد للّه ما كان شيء أهمّ إليّ من ذلك. وأجمع العلماء على أنّ البشارة تتحقّق من المخبر الأوّل منفرداً أو مع غيره، فإذا قال رجل: من بشّرني من عبيدي بكذا فهو حرّ، فبشّره واحد من عبيده فأكثر، فإنّ أوّلهم يكون حرّاً. وأورد الفقهاء أمثلةً أخرى في مواطن متعدّدةٍ. ويدلّ على ذلك ما روي {أنّه عليه الصلاة والسلام مرّ بابن مسعودٍ وهو يقرأ القرآن، فقال عليه الصلاة والسلام من أحبّ أن يقرأ القرآن غضّاً طريّاً كما نزل فليقرأ بقراءة ابن أمّ عبدٍ، فابتدر إليه أبو بكرٍ وعمر رضي الله عنهما بالبشارة، فسبق أبو بكرٍ عمر، فكان ابن مسعودٍ يقول: بشّرني أبو بكرٍ، وأخبرني عمر} رضي الله عنهم أجمعين. والبشارة مستحبّة كالهبة إذا قصد بها وجه اللّه تعالى.
5 - ورد في الكتاب الكريم ذكر البشارة، وورد في السّنّة النّبويّة بيان بعض أحكام البشارة وما يستحبّ فعله لمن يبشّر بأمرٍ، ويرد عند الفقهاء في الأيمان. كما ورد في كتب الآداب الشّرعيّة حكم البشارة، وما يستحبّ فعله لمن يبشّر بأمرٍ.
1 - البصاق: ماء الفم إذا خرج منه. يقال: بصق يبصق بصاقاً. ويقال فيه أيضاً: البزاق، والبساق. وهو من الإبدال.
أ - التّفل: 2 - التّفل لغةً: البصق. يقال: تفل يتفل ويتفل تفلاً: بصق. والتّفل بالفم: نفخ معه شيء من الرّيق. فإذا كان نفخاً بلا ريقٍ فهو النّفث. والتّفل شبيه بالبزاق، وهو أقلّ منه. أوّله البزق، ثمّ التّفل، ثمّ النّفخ. ب - اللّعاب: 3 - اللّعاب: الرّيق الّذي يسيل من الفم.
4 - الأصل في ماء فم الإنسان طهوريّته ما لم ينجّسه نجس. وللبصاق أحكام تتعلّق به. فهو حرام في المسجد ومكروه على حيطانه. فإذا بصق المصلّي في المسجد كان عليه أن يدفنه، إذ البصق فيه خطيئة، وكفّارتها دفنه، كما جاء في الحديث {البصاق في المسجد خطيئة، وكفّارتها دفنها}. والمشهور في ذلك أن يدفنه في تراب المسجد ورمله، إن كان له تراب أو رمل ونحوهما. فإن لم يكن أخذه بعودٍ أو خرقةٍ أو نحوهما أو بيده وأخرجه منه. كما لا يبصق على حيطانه، ولا بين يديه على الحصى، ولا فوق البواري (أي الحصر) ولا تحتها. ولكن يأخذه بطرف ثوبٍ ويحكّ بعضه ببعضٍ، ولا تبطل به الصّلاة إلاّ أن يتوالى ويكثر. وإن كان قد بصق في تراب المسجد فعليه أن يدفنه. فإن اضطرّ إلى ذلك، كان الإلقاء فوق الحصير أهون من الإلقاء تحته. لأنّ البواري ليست بمسجدٍ حقيقةً، وما تحتها مسجد حقيقةً. وإن لم يكن فيه البواري يدفنه في التّراب، ولا يتركه على وجه الأرض. وإن كان في غير المسجد لم يبصق تلقاء وجهه، ولا عن يمينه، بل يبصق تحت قدمه اليسرى، أو عن يساره. ومن رأى من يبصق في المسجد لزمه الإنكار عليه ومنعه منه إن قدر. ومن رأى بصاقاً ونحوه في المسجد فالسّنّة أن يزيله بدفنه أو إخراجه، ويستحبّ له تطييب محلّه. وأمّا ما يفعله كثير من النّاس إذا بصق أو رأى بصاقاً دلكه بأسفل مداسه الّذي داس به النّجاسة والأقذار فحرام، لأنّه تنجيس للمسجد وتقذير له. وعلى من رآه يفعل ذلك الإنكار عليه بشرطه. ولا يسوغ مسح لوح القرآن أو بعضه بالبصاق. ويتعيّن على معلّم الصّبيان أن يمنعهم من ذلك. ومن أحكامه بالنّسبة للصّائم: أنّ من ابتلع ريق نفسه، وهو في فيه قبل خروجه منه، فإنّه لا يفطر، حتّى لو جمعه في الفم وابتلعه. وإن صار خارج فيه وانفصل عنه، وأعاده إليه بعد انفصاله وابتلعه، فسد صومه. كما لو ابتلع بزاق غيره. ومن ترطّبت شفتاه بلعابه عند الكلام أو القراءة أو غير ذلك، فابتلعه لا يفسد صومه للضّرورة. ولو بقي بلل في فمه بعد المضمضة فابتلعه مع البزاق لم يفطّره. ولو بلّ الخيّاط خيطاً بريقه ثمّ ردّه إلى فيه على عادتهم حال الفتل، فإن لم تكن على الخيط رطوبة تنفصل لم يفطر بابتلاع ريقه، بخلاف ما إذا كانت تنفصل.
1 - البصر: هو القوّة الّتي أودعها اللّه في العين، فتدرك بها الأضواء والألوان والأشكال. يقال: أبصرته برؤية العين إبصاراً، وبصرت بالشّيء بالضّمّ (والكسر لغةً) بصراً بفتحتين: رأيته. ويطلق مجازاً على: الإدراك للمعنويّات، كما يطلق على العين نفسها، لأنّها محلّ الإبصار. والبصر: ضدّ العمى. الجناية على البصر: 2 - اتّفق فقهاء المذاهب على وجوب القصاص من الجاني عمداً على البصر، إذا أدّت جنايته إلى إذهاب البصر - وذلك بإذهاب بصر الجاني إن أمكن بوسيلةٍ ما برأي أهل الخبرة - فإن لم يمكن القصاص، وجبت الدّية اتّفاقاً في مال الجاني. وكذلك تجب الدّية في إذهاب البصر خطأً، وتكون على العاقلة. وتفصيل ذلك في الجنايات.
3 - أجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع وغضّ البصر عمّا يلهي، وكراهة الالتفات ورفع البصر إلى السّماء، وأنّه يستحبّ للمصلّي النّظر إلى موضع سجوده إذا كان قائماً، ويستحبّ نظره في ركوعه إلى قدميه، وفي حال سجوده إلى أرنبة أنفه، وفي حال التّشهّد إلى حجره. أمّا في صلاة الخوف - إذا كان العدوّ أمامه - فيوجّه نظره إلى جهته، وبهذا قال الحنفيّة، وهو رواية عند الحنابلة، وفي قولٍ للشّافعيّة أنّه يسنّ. والآخر عندهم، وعند الحنابلة: النّظر إلى موضع سجوده في جميع صلاته لحديثٍ رواه البخاريّ عن أنسٍ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: {ما بال أقوامٍ يرفعون أبصارهم إلى السّماء في صلاتهم، فاشتدّ قوله في ذلك حتّى قال: لينتهنّ عن ذلك، أو لتخطفنّ أبصارهم}. وقال المالكيّة: إن كان رفع البصر إلى السّماء للموعظة والاعتبار بآيات السّماء فلا يكره. ويكره أيضاً في الصّلاة تغميض العينين إلاّ لحاجةٍ، ولا يعلم في ذلك خلاف.
4 - نصّ الشّافعيّة على أنّ الأولى في الدّعاء خارج الصّلاة رفع البصر إلى السّماء، وقال الغزاليّ منهم: لا يرفع الدّاعي بصره إليها.
5 - أمر اللّه سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بأن يغضّوا من أبصارهم عمّا حرّمه عليهم، دون ما أباح لهم رؤيته - وإذا اتّفق أن وقع البصر على محرّمٍ من غير قصدٍ، فليصرف البصر عنه سريعاً - لأنّ البصر هو الباب الأوّل إلى القلب ورائده، وغضّه واجب عن جميع المحرّمات وكلّ ما يخشى منه الفتنة، لقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنّ اللّه خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ}. وانظر للتّفصيل مصطلح: (نظر. عورة).
6 - للبصر أحكام في مواطن متعدّدةٍ، تتعلّق بالجناية عليه، والدّية فيه، واشتراطه في الشّاهد، وشهادة الأعمى وتحمّله وأدائه، واشتراطه واستدامته فيمن يتولّى القضاء، ونفاذ حكم قاضٍ طرأ العمى عليه، وتوجيه البصر في الصّلاة، ورفع البصر إلى السّماء في الدّعاء في غير الصّلاة، وما يجوز النّظر إليه ممّن يراد خطبتها، وغضّ البصر عمّا حرّمه اللّه. ويفصّل الفقهاء أحكام ذلك في مباحث (الجنايات، والدّيات، والشّهادة، والقضاء، والصّلاة، والنّكاح) على النّحو المبيّن في الحكم الإجماليّ ومواطنه.
انظر: إبضاع.
انظر: فرج.
|